حقاً إنه أبو الفنون، المسرح، هذا الفن الأدائي الذي يلامس وجدان الناس مباشرة، ويسقي ‏عطشهم لتفاصيل الحياة، للغزها، لفك أُحجيات وطلاسم، لبث المتعة، لكي تُفتح أفواه ‏ضاحكة في عتمة رقيقة، والخشبة تأن تحت ركام الكلام، المعنى، معنى المعنى، الصخب، ‏ضجيج الأغاني وهمسها، تراويد الأمهات، زفرات العشاق، اتحاد فني إبداعي بين المخرج ‏والممثل، المؤلف والديكور، السينوغرافيا، المتفرج، انصهار عضوي روحي ليكتمل مشهد ‏الفرجة وينقش في الأرواح الهائمة مدونات، وثائق، حكايات، انزياحات عن المألوف، كسر ‏للتوقع ونبش للمسكوت عنه.‏

مسرح الطفل

هو يبني دهشته الخاصة والطازجة، إذ يتناغم مع النص الأدبي الجميل، فيحلقان معاً في ‏عوالم من الفرجة، والمخرج الجميل هناك يحرك خيوطا غير مرئية، ليخلق هذا المركب ‏الجمعي، المتحد في صور بصرية غنية تتوارد معا، لتغني المتفرج وتثري ذائقته، وربما ‏تؤثث لذاكرة لا تنسى!!‏

‏ ومسرح الطفل يعتبر واحداً من الوسائل التربوية والتعليمية التي تسهم في تنمية عقلية ‏وفكرية واجتماعية ونفسية ولغوية وجسمية إضافة لأنه فن موجه للأطفال يحمل الكثير من ‏القيم التربوية والأخلاقية والتعليمية والنفسية من خلال شخصيات متحركة على المسرح مما ‏يجعله وسيلة هامة من وسائل تربية الطفل وتنمية شخصيته.

أكد المخرج والكاتب المسرحي للطفل د.يسري المغاري على ضرورة أن يتسم مسرح الطفل ‏بعدد من الخصائص التي تجعله مقبولاَ لدي الأطفال وقادراً على التأثير فيهم ومنها سهولة ‏الحبكة والحوار ومناسبته لعمر الطفل ومراعاته لنفسيتهم من ناحية اجتماعية وأخلاقية و ‏دينية بالإضافة لوضوح الشخصيات.

إثراء القاموس اللغوي

وأوضح المغاري بأن أهمية مسرح الطفل تكمن في التسلية والإمتاع إضافة لإثراء قاموسه ‏اللغوي الذي ينمي قدرته على التعبير وإكسابه القيم التربوية والأخلاقية و تعزيز الثقة ‏بالنفس وتنمية الذوق و الجمال و الفن.‏

وأشار إلى أن الطفل الفلسطيني مهمل بكافة المجالات التربوية والتعليمية والتثقيفية ‏والترفيهية وان وجدت أماكن الترفيه فتستهدف الأطفال الذين يمتلكون المال .‏

‏ وقال ” نهتم بالطفل بشكل عام من خلال تقديم عروض مسرحية ولكنه بحاجة لاهتمام ‏الدولة والدعم اللوجيستي له، وفي فلسطين وخاصة قطاع غزة يفتقر للمسرح بشكل عام ‏ولمسرح الطفل بشكل خاص”.‏

يحلم بالحرية

وأضاف ” الطفل الفلسطيني يختلف عن باقي أطفال العالم، لأن الطفل البالغ من العمر ‏ست سنوات عاصر ثلاثة حروب، وهذا أدى إلى اختلاف تفكيره عن الآخرين فهو يحلم ‏بحرية السفر والتنقل لزيارة الأماكن الدينية و السياحية في ربوع الوطن، حتى يوم ‏إجازته يذهب للشارع رغم أنه غير آمن”.‏

واستكمل ” في مسرحياتنا نحاول قدر الإمكان مراعاة ظروف الطفل الفلسطيني ‏وخاصة الغزي المحروم من كل مقومات الحياة الكريمة، نعمل على رسم الابتسامة على ‏شفاه الأطفال وهو هدف تربوي نقدمه لهم “.‏

غابة الألوان

وعن إنتاج مسرحية غابة الألوان للأطفال أردف ” تأتي ضمن أهداف وحدة مسرح ‏الطفل التربوي لدي جمعية ‏حكاوي للثقافة و الفنون التي تهتم بشكل أساسي بفئة الأطفال ‏من خلال برنامج الدراما والمسرح ‏التربوي الذي يقدم رسالة تربوية للأطفال وتعليمية، ‏لاسيما أن هذا النوع ‏من المسرح يفتقر له الأطفال في قطاع غزة و لا يلقى اهتمام لدى ‏المؤسسات الرسمية و كثير من ‏مؤسسات المجتمع المدني”.‏

وأوضح بأنها تستهدف الأطفال الذين تقل أعمارهم عن ‏‎ست سنوات لان هذه ‏الشريحة ‏من الأطفال هي الأقل حظاً أو اهتماماً من قبل المؤسسات في تقديم البرامج و ‏الانشطة ‏الفنية والتربوية التي تساهم في العملية التعليمية للطفل ‏لتعمل على تعزيز ثقافة ‏المسرح لدى الأطفال و المجتمع، والتخفيف من حالة التوتر و الضغط النفسي لدى ‏الأطفال بعد الحرب الاخيرة على غزة. ‏

وأكد على أن مسرحية غابة الألوان ستتجول في رياض الأطفال بقطاع غزة وستبدأ ‏خلال هذا الشهر ‏فبراير و تستمر حتي نهاية الفصل الدراسي الثاني .‏

المصدر: صحيفة الرأي الفلسطينية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.